بعد أن انتهينا من شرح الخطوة الأولى لتطبيق استراتيجية تسريع النمو أو “جروث هاكينج” والتي تتلخص في التأكد من رغبة الناس في الحصول على المنتج، تأتي الخطوة الثانية وهي: تحديد الجمهورالمستهدف، وأهم نصيحة هنا هي: لا تستهدف الجميع!
خمن من كان العميل المستهدف لـ “إيربنب” في البداية؟
كان أي شخص يسافر.
انظر فقط إلى أول 3 عملاء، هؤلاء الذين استأجروا المراتب. لقد كانوا رجل هندي في الثلاثين من عمره، وامرأة في الخامسة والثلاثين من بوسطن، أب لأربع أطفال عمره 45 سنة من يوتاه.
ما هو العامل المشترك؟ ما الذي يربط هؤلاء؟ ما الذي يتشاركونه؟
كما ترى، هناك دورة حياة يجب أن يمر بها أي مشروع جديد او فكرة مبتكرة. تسمي “قانون انحراف الإبداع“، وهو يبدو كالتالي:
للوصول للأغلبية العظمي من الناس يجب أن يمر منتجك بنجاح أولًا على المبدعين ومتبني الأفكار
وهؤلاء هم عبارة عن مجموعات ومجتمعات صغيرة من الناس يتوجب عليك أن تستهدفهم بشكل واضح. “جفري موور” ألف كتابًا كاملًا عن هذه الظاهرة اسمه “عبور الفجوة“
إما أن تستحوذ المنتجات على 15% من السوق أو تموت وتختفي عند هذه النقطة.
إذا استهدفت الجميع، فإنك لن تستطيع تحقيق النمو السريع بين تلك النسبة (15% من السوق) وذلك لأنك لا تعرف أصلًا من الذين يجب أن تعمل على إقناعهم حتى يقوموا بالشراء.
حسنًا.. كيف تصحح هذا؟
كيفية استهداف الأقلية لتحقيق أكبر مكسب
يجب أن تنشئ ملفًا للعميل المستهدف. ضع في اعتبارك كل مواصفات المنتج ثم اسأل نفسك: من سيحقق أكبر استفادة ممكنة من منتجنا؟
كن محددًا. قم بوصف شخصًا حقيقيًا بقدر المستطاع.
لو قام “دروب بوكس” بوصف عميلهم المثالي في بداياتهم، فإنهم على الأرجح سيقولون: شاب أبيض في الثانية والعشرين من عمره، يعرف الكثير عن التكنولوجيا، ويعيش في سان فرانسيسكو أو “الباي إيريا”، نحيف الجسد، لديه عدد محدود من الأصدقاء الحقيقيين، يرتدي ملابس من “إكس واي زد”، ويقضي أغلب وقته على الإنترنت.
هذا هو الأسلوب التفصيلي الذي يجب أن تتبعه.
وفي البداية يجب أن تصب كل اهتمامك وبشكل حصري على احتياجات هؤلاء الناس.
المنتجات التقليدية مثل الكتب المنشورة عبر دور نشر تقليدية تحتاج إلى إحداث ضجة كبيرة قبل إصدارها، للتأكد من أن الإصدار سيكون ناجحًا.
لكن في حالة أن المنتج برنامج إلكتروني حديث، فإن ما يحدث قبل صدوره ليس مهمًا على الإطلاق إذا ما قورن بما يحدث بعد صدوره.
لم ينظم دروب بوكس حفل إصدار ضخم محصور على دعوات خاصة فقط، بل إنهم أعلنوا عن منتجهم للجميع في مؤتمر “تك كرانش 50” في 2008 بحضور رواد الأعمال ومؤسسي المشروعات الناشئة.
وكانت خطوتهم الأكثر ذكاءً هي جعل الخدمة بعد إطلاقها محصورة على الدعوات فقط.
ذكاء منهم.. أليس كذلك؟
لقد أطلقوا الخدمة في حدث يتجمع فيه عملاؤهم المثاليون سنويًا، ثم خلقوا هالة من الحصرية والتميز حول الممنتج.
احتاج الراغبون في تجربة الخدمة الحصول على دعوة من المستخدمين الحاليين للدخول. وحيث أن الجميع أرادوا أن يتعرفوا على الخدمة وكيف تعمل، فإن قائمة الانتظار تضخمت بشكل سريع.
لكن.. غالبًا الغموض تصحبه الشكوك. لذا فقد قاموا بنشر فيديو قصير لإعطاء العملاء المحتملين فكرة أكبر عن الخدمة.
وجعلوا هذا الفيديو مخصص وموجه لمستخدمي “ديج“، وهي شبكة اجتماعية إخبارية شهيرة جدًا في ذلك الوقت. مرة أخرى.. المستخدمون جميعًا هم جمهورهم النموذجي: مهاويس الإنترنت والعاملين في التكنولوجيا.
وضع “درو هاوستن”، أحد المؤسسين، 12 دعابة في العرض التقديمي للمنتج. خلال 24 ساعة نال الفيديو 10 آلاف ديج (الديج هو المكافئ لـ “لايك” أو “أعجبني”)، انتشر الحديث عن الموقع كالنار في الهشيم، وقفزت قائمة الانتظار من 5,000 إلى 75,000 مستخدم!
بالمقارنة بإنفاق 300 دولار للاستحواذ على منتج قيمته 99 دولار على “جوجل أدووردز“، فإن ذلك يبدو هو الاستراتيجية الأفضل لهم، والآن يمتلكون 500 مليون مستخدم.
هذه الأنواع من قفزات النمو تعتبر مصيرية في الأيام الأولى لأي مشروع ناشئ للوصول لنسبة الـ 15% من حصة السوق والتي يحتاجها أي منتج للانطلاق.
Here’s another great example of spreading the word in your community: Hotmail.
إليك نموذج عظيم آخر لنشر فكرتك بين الدوائر التي تهمك: هوتميل
إن كنت أحد مستخدمي جيميل، فإنك ترى هوتميل “موضة قديمة”، وعلى الأغلب فإنك قد نسيته منذ زمن بعيد. لكن منذ أن استحوذت مايكروسوفت على هوتميل، حققوا نمو تخطى 400 مليون مستخدم. بل إنهم تخطوا جيميل حتى 2012.
ما الذي فعلوه ونتج عنه استحواذ مايكروسوفت على الخدمة؟ النمو السريع.
عندما كانوا يتجادلون حول خيارات التسويق، مثل إعلانات الطرق السريعة الضخمة، طرح مستثمرهم فكرة. لماذا لا يضعون ملحوظة صغيرة في نهاية كل رسالة يرسلها مستخدميهم تقول: “ملحوظة: أحبك. احصل على بريدك الإلكتروني مجانًا من هوتميل” ؟
بكل تأكيد استحقت هذه الفكرة التجربةة، وبالفعل زادت من الاشتراكات حتى وصلت إلى 3,000 في اليوم، ثم تضاعفت قاعدة المستخدمين خلال 6 أشهر من 500 ألف إلى مليون.
بعد ذلك، أصبح النمو أسرع. فقط بعد أسبوعين وصلوا إلى 2 مليون مستخدم.
من الطبيعي أن يكون 12 مليون مستخدم رقم جيد جدًا، خاصة عندما يعني ذلك أن شخص من كل 5 أشخاص على الإنترنت مشترك بالخدمة.
بإبقائهم فكرة طلب المشاركة، فقد كانوا متأكدون من الوصول إلى الفئة المستهدفة.
فقد كان يرسل مستخدمو هوتميل رسائلهم الإلكترونية إلى أصدقائهم الذين على الأغلب يشبهونهم وبالتالي هم عملاء مثاليون لهوتميل.
فعلت أوبر نفس الشئ. فقد انتظرت عامًا كاملًا لتعطي المجتمع التكنولوجي رحلات مجانية خلال مهرجان “ساوث باي ساوثويست”، مروجة للخدمة بدلًا من الاعتماد على الإعلانات.
لكن كل تلك القصص الناجحة تظهر نقطة هامة:
كيف يمكنك كشف نجاحًا محتملًا على وشك الحدوث؟ ما الفرق بين فكرة لامعة وفكرة سيئة؟
عند هذه النقطة، دعونا نتوجه إلى “مقاييس القراصنة”
“باي بال مافيا” هم مجموعة من رواد الأعمال والمستثمرين والذين حققوا نجاحًا مع باي بال ثم اتجهوا لتأسيس شركات أخرى في وادي السيليكون”
كان “ديف مكلور” مدير التسويق في باي بال، وأسس عددًا من الشركات بعد ذلك. لكن كان أبرزها هي حاضنة الأعمال “500 ستارت أبس“
استوعب “ديف” جيدًا الاختلافات الجوهرية بين عقلية الجروث هاكينج وأفكار تسويق العلامات التجارية.
منذ حوالي 10 سنوات، نشر ديف رؤيته حول “مقاييس المشروعات الناشئة“. كانت الفكرة تدور حول قياس عدد من محفزات النمو الأساسية، وتجاهل أي شئ آخر.
وضع تلك المقاييس في مراحل على شكل قمع، واختصرها تسهيلًا بالحروف الأولى “إيه إيه آر آر آر” . أطلق عليها مستخدموها بعد ذلك اسم “مقاييس القراصنة”
تضمنت تلك المراحل:
- الاستحواذ: كيف تجعل الناس يعرفون اسمك.
- التفعيل: كيف تمنح المستخدمون تجربة أولى سعيدة.
- الإبقاء: كيف تبقيهم مستمرون في العودة للحصول على المزيد.
- الربح: كيف تجني الأرباح منهم.
- إخبار الآخرين: كيف تجعلهم يحدثون الآخرين عنك.
بإمكانك اختيار عددًا من المقاييس لكل مرحلة للحصول على رؤية دقيقة عن مدى فاعلية مجهوداتك وأفكارك.
ثم، بناءً على هذه المعرفة، سيعلم إن كانت فكرة المشروع جذابة أم أنه يجب أن تنتقل إلى شئ آخر.
أول مرحلة على قمة القمع هي الاستحواذ.
هذه المرحلة تتناسب تمامًا مع اسمها. بإمكانك أن تنظر إلى عدد الزيارات لموقعك أو تطبيقك لتقيس مدى وصول الفكرة.
كم شخص يشاهد الرسالة التي ترغب في إيصالها؟ هنا أنت تنظر إلى آداء الإعلانات، والعلاقات العامة، وتحسين محركات البحث “سيو”، وغيرها.
فقط تأكد أن تتجنب المقاييس الزائفة بأي ثمن.
على سبيل المثال، إذا أنفقت الأموال على إعلانات فيسبوك لكن كل الزوار يخرجون من موقعك سريعًا، فإن تلك الزيارات لم تكن مؤهلة لتبدأ بها. هذا يعني أنك ربما كنت تستهدف فئة خاطئة.
ذلك بمثابة مؤشر بأنك تحتاج مراجعة شخصيات هؤلاء العملاء مرة أخرى
لذا فإنك تستطيع أن تضيف تصنيفات أكثر لمقاييس الاستحواذ، مثل “كل زوار الموقع الذين دخلوا صفحتين على الأقل أو قضوا على الأقل 10 ثوان على الموقع”. ذلك يخبرك بأن هؤلاء كانوا مهتمين بالفعل بما تقدمه.
الخطوة الثانية هي أن تنظر إلى “التفعيل“، وهو عدد الناس الذين يستمرون بعد زيارة موقعك أو تطبيقك.
يعبر ديف مكلور عن هذه المرحلة بوصف “الزيارة الأولى السعيدة”.
أحيانًا، ذلك يعني هدفًا صعبًا مثل التسجيل أو الاشتراك في الموقع. لكن على جانب آخر يمكن أن يعبر عن ذلك بعدد الزيارات التي يستخدم فيها الزائر ميزة محددة في التطبيق أو يقضي وقتًا أكبر من بضع دقائق في تصفح الموقع أو التطبيق.
جذب الناس لزيارة موقعك سهل عن طريق الإعلانات. لكن جذب زوار بجودة عالية أصعب.
لكن ماذا عن جعل هؤلاء الناس يقومون بتسجيل بياناتهم؟ هذا أمر مختلف تمامًا.
إنه يخبرك إن كان الناس قد أحبوا ما تقدمه بالفعل أم لا.
بعد تخطي تلك المرحلة أو تلك الزيارات الأولى السعيدة، فإن الخطوة التالية هي الإبقاء على هؤلاء الزوار لفترة أكبر.
فكر قليلًا في تطبيقات الهاتف.
يصيبك الحماس الشديد لتحميل ذلك التطبيق الجديد الذي يتحدث عنه الجميع.تفتح متجر التطبيقات على هاتفك، تضغط على زر التحميل وأنت في شدة الحماس.
تستخدمه لبضع ساعات، الأمر ظريف، لكن تظهر بعض الأشياء، فتضعه جانبًا.
ولا تعود له مرة أخرى أبدأ!
لست وحدك، الجميع يفعل ذلك.
نحن نستخدم هوافتنا أكثر من أجهزة الكمبيوتر. و 84% من وقت استخدامنا لها يكون بداخل التطبيقات.
ورغم ذلك فإن متوسط حفاظ التطبيقات على مستخدميها في منتهى السوء. انظر إلى هذا الشكل التوضيحي المرعب لأصحاب التطبيقات.
That’s telling you that almost 80% of users will leave and never return within just three days of downloading. That number gets even worse within a few months, rising up to a whopping 95%.
يخبرك هذا أن حوالي 80% من المستخدمين سيغادرون ولن يعودوا أبدًا خلال 3 أيام من تحميل التطبيق. وهذا الرقم يزداد سوءًا خلال عدة أشهر ويصل إلى 95%.
لذلك فإن الحفاظ على المستخدمين مهم. تنفق الأموال على الإعلانات أو على إنشاء تجربة أولى رائعة، لكن كثافة العملاء الجدد سوف يقضي على أغلب المشروعات الناشئة.
سوف تفقد العملاء أسرع مما حصلت عليهم، وستنفد الأموال، وكذلك مشروعك، في وقت قصير جدًا.
أظهرت دراسة قديمة نشرت في “هارفارد بيزنس ريفيو و بين آند كو” أن العملاء الأحدث يكونون غير مربحين لفترة من الزمن.
يمكن أن نتجادل حول الرقم الحقيقي اليوم، لكن ستظل الخطوط الرئيسية واحدة. العديد من العملاء الجدد يكونون غير مبحين في البداية لأن في تلك الفترة تنفق الأموال على الإعلانات والموارد البشرية ومقر العمل.. إلخ.
وما يزيد الأمور سوءًا، أن أغلب الشركات المقدمة لخدمات قائمة على التطبيقات والبرامج الإلكترونية لاتحصل من العميل إلا على قدر ضئيل من قيمة الخدمة كل شهر. هذا يعني أنك تحتاج للحفاظ على العميل لفترة بين 3 و6 أشهر (وربما سنة) حتى تبدأ في تحقيق أرباح.
أغلب المقالات والمدونات المتعلقة بالتسويق تركز على تكتيكات ووسائل الاستحواذ. يتحدثون حول أهمية الأموال للحصول على تسجيلات على البريد الإلكتروني لهؤلاء الذين يرغبون في الحصول على منتجاتهم الأولى.
هم على صواب.. بدرجة ما.
لكن هاكرز النمو الحقيقيين يعلمون أن المال يكمن في قائمة العملاء نفسها. بإمكانك عادة أن تزيد من الدخل بشكل أسرع وأسهل عبر التركيز على الحفاظ على العميل بدلًا من التركيز على الاستحواذ على عملاء جدد.
لذا إن لم يكن مشروعك يندرج تحت مشروعات تطبيقات الهواف المحمولة، فإن فقد العملاء بعد تفاعلهم الأول أو الثاني هو علامة سيئة جدًا.
لن تستيطع الكثير من الشركاء بناء دائرة من التسويق عبر التوصيات مثلما فعل فيسبوك أو دروببوكس. في حقيقة الأمر فإن ذلك يحتاج إلى حدوث عدة أشياء في نفس الوقت.
أنت في حاجة إلى التوقيت، منتج رائع وتأثير التواصل بين الناس. ذلك يحدث عندما يكون استخدام المنتج من جانب شخص يزيد من قيمة المنتج لشخص آخر.
الأمر يشبه 1 + 1 = 3
في جميع الأحوال، ستظل محتاج إلى جلب أكبر قد مممكن من التوصيات. مرى أخرى.. هؤلاء عملاء سعداء بمنتجك ويرشحونها لأقاربهم وأصدقائهم وزلائهم في العمل.
ومرة أخرى.. إذا فعلت ذلك بشكل صحيح.. من شأن هذه الأموال أن تكون أموال سهلة.
كلما زاد عدد العملاء الذين يتحدثون عنك، كلما كانت تكلفة الاستحواذ على العملاء الجدد أقل، أي كلما كنت أقرب لتحقيق أرباح.
يجب أن يخبر عملاؤك أصدقائهم عن منتجك ويحمسهونهم لتجربته. “نت بروموتر سكور” هو أحد الأساليب النفضلة لي لقياس ذلك لأنه شديد البساطة.
سيتوجب عليك الاستمرار في القراء لتعرف كيف ية استخدامه.
كل ما كنا نفعله حتى هذه اللحظة كان له هدف واحد: الربح.
بكل تأكيد فإن أفضل وسيلة لقياس جودة المنتج هو دفع الناس الأموال مقابل الحصول عليه.
قد يحتاج الأمر إلى وقت طويل للوصول إلى هذه المرحلة.قد يحتاج بعض التعديلات والتجارب والتغييرات للوصول إلى التوليفة الأفضل.
لكن إذا تمكنت من الخطوات الأربع الأولى بشكل صحيح، ستأتي الأرباح بشكل طبيعي.
الآن قد فهمت طريقة العمل لاتخاذ قرارات تسريع النمو. ورأيت كيف تؤثر كل خطوة في مساعدك لتعريف النجاح.
في الأجزاء التالية سنبدأ في التعمق في الأمور أكثر
سنتحدث في كل خطوة عن استراتيجيات أكثر تفصيلًا، ونصائح، وأفكار قد لجأ لها مجموعة من أسرع الشركات نموًا عبر التاريخ.
سنبدأ في الجزء القادم بأول خطوة في القمع، ألا وهي الاستحواذ.